التسويق الاجتماعي: كيف تروج لشركتك عبر خدمة المجتمع؟

التسويق-الاجتماعي:-كيف-تروج-لشركتك-عبر-خدمة-المجتمع؟

التسويق الاجتماعي: كيف تساهم علامتك التجارية في بناء المجتمع؟

يعطي الأثر الاجتماعي الإيجابي الذي تضيفه أي علامة تجارية قيمة خاصة لها في السوق وبين المجتمع، لما تملك من هدف سامي يتعدى الأهداف المادية البحتة. لذا، إن كان لديك عمل تجاري معين، من الجيد أن تأخذ بالحسبان دوره في تحسين المجتمع. يمكن تحقيق ذلك بواسطة التسويق الاجتماعي Social marketing. لكن كيف يمكن استغلال ذلك جيدًا بحيث يحقق الأهداف المرجوة؟

جدول المحتويات:

يمكن تعريف التسويق الاجتماعي Social marketing على أنه أداة للتأثير والتغيير في سلوكيات أفراد المجتمع، بطريقة مستدامة وفعالة، بهدف التحسين وخلق عادات مجتمعية تعود على المجتمع بالنفع، وتساهم في الحفاظ على المصلحة العامة.

تسعى الشركات لتحقيق ذلك بواسطة صوت العلامة التجارية الخاص بها بوسائل تسويقية، ورسائل قوية تصل بها للعملاء. أصبح التسويق الاجتماعي شائعًا بشكلٍ متزايد بفضل الوعي بفاعلية تقنيات التسويق وإمكانية تطبيقها في سياقات مختلفة.

تكمن أهمية التسويق الاجتماعي في كونه أحد أفضل الطرق للتأثير على الناس، وتوجيه اهتمامهم نحو قضايا مجتمعهم، ما يمثل حافزًا لأخذ إجراءات ذات عائد إيجابي وواضح، سعيًا للتغيير والتطوير في المجتمع. يمتلك التسويق المجتمعي أبعادًا أخرى أيضًا من الفوائد الجمة التي يحققها، أهمها ما يلي:

  • دراية مجتمعية بالعلامة التجارية المعنية وإقبال الأشخاص عليها.
  • يطور التسويق المجتمعي علاقة عامة ذات منفعة متبادلة بين الشركة أو المؤسسة وعملائها، ما يصب الفائدة في صالح الجهة المسؤولة والمستهدفة.
  • يعد التسويق الاجتماعي مناسبًا من ناحية التكلفة مقارنةً بأشكال التسويق الأخرى، إذ القضايا التي يتناولها تُسهِم في جذب انتباه واهتمام الناس بسرعة، دون تكبد مجهود كبير.
  • تعد الحملات التسويقية المجتمعية من أقرب الحملات للناس، لأنها تتناول أمور تخصهم وتحل مشكلات يعانونها. لذا، التأثير الذي تحمله يكون دائمًا فعالًا وقويًا باستجابة سريعة.

تتفق جميع وسائل التسويق في الكثير من الاستراتيجيات، مثل التقنيات المستخدمة، ولكنها تختلف في عدة نواحي تغيّر من هيئتها والغاية المرجوة منها. مع أنّ التسويق الاجتماعي والتسويق التجاري متشابهان في بعض النواحي، إلا أن هناك عدة اختلافات بينهما توضح الفرق والماهية. يوضح الجدول التالي الفرق بين التسويق الاجتماعي والتجاري:

الفرق بين التسويق الاجتماعي والتجاري

نستطيع تلخيص جوهر كل تسويق مجتمعي بأربعة عناصر أساسية. بواسطة تولية الاهتمام للعناصر الأربعة التي تحقق النتائج المرجوة من التسويق الاجتماعي على حدٍ سواء، وهي ما يلي:

1. المنتج

يمكن تمثيل المنتج المقدم بأنه الإجراء المرغوب أو المطروح لحل القضية المجتمعية التي يتناولها. تأكد من توضيح طبيعة المنتج بطريقة يفهم فيها جمهورك الفائدة المحققة منه. بالنسبة للتسويق الاجتماعي، المنتج هو السلوك نحو التغيير. توجد العديد من الشركات التي ساعدت في التغيير والتحسين، إذ تدعم هذه الشركات ماديًا عدة مبادرات اجتماعية وصحية.

2. السعر أو المقابل

كم سيكلف الشخص أن يتوقف عن سلوكٍ سلبي أو يتخذ سلوكًا جديدًا؟ في التسويق الاجتماعي، السعر ليس مسألة مبالغ مالية فقط، بل مسألة وقت وجهد أيضًا يجب أخذها بالحسبان. ما المقابل الذي سيتكبده الفرد من أجل الأفضل؟ بما يتضمن مقدار الجهد والمال. عند التفكير في حملتك التسويقية، فكر دائمًا بالعقبات التي تعيق جمهورك عن أداء السلوك المراد.

على سبيل المثال لا الحصر، يعي المدخن بأضرار التدخين وبتكاليفه المادية الباهظة عليه، لكن الجهد الذي يجب أن يبذله للتوقف عن هذه العادة يعد كبيرًا. يمكنك حينها محاربة هذه القضية بأن توضح للمدخن فداحة وضعه أولًا، بعدها يقدم منتجك أو خدمتك بعض التسهيلات المشجعة مثل جهات الدعم النفسية مثلًا، والاستشارات الغذائية ليتقبل جسده التغيير الحاصل.

3. المكان

كيف سيصل جمهورك إلى المنتج المطلوب؟ أي كيف سيبدأن بتغيير سلوكياتهم؟ يجب على صاحب العمل اختيار مكان يسهل الوصول إليه والاستعانة به. مثلًا إن كنت تبيع بعض الملابس الصديقة للبيئة، عليك توزيعها على أغلب المتاجر أو فتح أكثر من فرع موزعين على مختلف مناطق البلاد أو المدى المستهدف. احرص دائمًا على جعل حملة التغيير حملة متاحة دائمًا للأفراد حتى يتمكنوا من تنفيذها.

4. سياسة الترويج

يعد هذا العنصر الأكثر ارتباطًا بالتسويق الاجتماعي، وهو التفكير في كيفية الوصول للجمهور المستهدف ولفت انتباهه لعلامتك التجارية وما تقدمها. توجد العديد من وسائل الإعلان والترويج في زمننا الحالي، ربما أبرزها هو منصات التواصل الاجتماعي الذي تصل لأكبر شريحة ممكنة من الناس وتلقى إقبالًا واسعًا.

كيف يمكن تحقيق العناصر الأربعة التي تخص التسويق الاجتماعي بشكل إبداعي واحترافي حتى يكون لعلامتك التجارية أثرًا قويًا؟ توجد مجموعة من المبادئ التي يساهم تطبيقها في تعزيز قيمة العلامة التجارية:

1. احترام الجهة المستهدفة

تجنب أن تحمل رسالتك التسويقية طابعًا توبيخيًا لأفعال الجمهور المستهدف، الذي يُطلب منه التغيير والتحسين عند تعريف المشكلة، فذلك سيسبب استفزاز ونفور الشخص ليس إلا. تذكر أن احترام العملاء واجب مهما كانت القضية، لأنهم عماد التغيير أولًا وأخيرًا. بدلًا من التركيز على العواقب السلبية لأفعالهم، حاول التركيز أكثر على الجانب الإيجابي في تركها وتبني سلوك آخر.

2. الاهتمام بالتغذية الراجعة

يركز التسويق الاجتماعي في الحث على التغيير بما يقدمه مشروعك، لكن سلوك التغيير لا يمكن أن يتحقق في حال عدم رضا العملاء عن المنتج أو الخدمة المقدمة. لذلك، اهتم دومًا بمراجعة ملاحظاتهم وتعليقاتهم، سعيًا إلى توفير منتجات تتوافق مع توقعاتهم ومتطلباتهم، وبذلك تُحقق الهدف المرجو.

3. إشراك الجهة المستهدفة في إيجاد الحلول

غالبًا ما يختلف منظورك للمشكلة عن منظور من يعانيها. يؤدي هذا الاختلاف إلى تعميق فهمك وإدراكك لجميع أبعاد القضية من الجهة المستهدفة. لذا يمكن أن يفيدك الاستماع إليهم أولًا قبل تحديد طبيعة الحل والمنتج. سيزيد طلبك لآرائهم من اهتمامهم وشعورهم بقيمتهم كأفراد بالمجتمع، ما يزيد من عزمهم على التغيير.

تمر الحملات التسويقية الاجتماعية بعدة مراحل، لا بد من تطبيقها باحترافية ودراسة عميقة. تتمثل مراحل التسويق الاجتماعي فيما يلي:

المرحلة الأولى: تحديد السلوك الذي تود تغييره

يعد السلوك الذي تسعى لتغييره أو زرعه في طبيعة الأفراد هو الهدف الأساسي ونقطة البداية التي تعتمد عليها الخطوات التالية. اهتم بالتوجه نحو السلوكيات التي تحمل تأثيرًا بليغًا وواضحًا سواءً بتطبيقها أو تجنبها، مع التركيز على الأفراد حقًا دون مصالح شخصية تهدف إليها. لتحديد الأبعاد الكاملة للمشكلة والسلوك المراد، عليك الإجابة على الأسئلة التالية:

  • ما الهدف الرئيسي من التسويق الاجتماعي للعلامة التجارية؟
  • ما الذي تريد تغييره بالضبط في سلوك الجمهور المستهدف؟
  • ما هي المعتقدات الاجتماعية الخاطئة التي تهدف الحملة التسويقية إلى تغييرها أو محوها؟
  • ما السلوك المراد الوصول إليه؟

المرحلة الثانية: حدد جمهورك وابحث عن التحديات التي تعيقهم عن التغيير

من هم الأشخاص الذين تود توجيه حملتك نحوهم؟ كن محددًا بتعريف العمر والجنس ومستوى التعليم، وما إلى ذلك من المعايير التي تحتجها وفقًا لمشروعك. من المهم أيضًا أن تحاول فهم جميع العوامل التي تؤثر على سلوك أفراد شخصية عملائك المستهدفين، مثل: مشاعرهم وقيمهم ومعتقداتهم التي تدفعهم إلى القيام بما يجب عليهم فعله.

من المهم أن تتمكن من معرفة ما يجعل التغيير الذي ترغب به صعبًا على الجمهور، فبذلك تستطيع أن تقدم رسالة قوية ومقنعة، ووسائل تواجه جميع التحديات الممكنة، وتتخلص من العوائق. مثلًا: ربما يتمثل عزوف المراهقين عن التوجه نحو طبيب نفسي، في الاعتقاد السلبي السائد والأحكام المباشرة التي يخشون تلقيها من أقرانهم والمجتمع. فكر كيف يمكنك حل ذلك قبل أن تدعوهم لزيارة الطبيب النفسي.

المرحلة الثالثة: تحديد الوسائل التسويقية ووضع خطة العمل

من الضروري التفكير في كيفية توصيل الرسالة المقصودة إلى الجمهور. تتنوع الوسائل والخيارات بين الإعلانات التلفزيونية أو المطبوعة كلافتات الشوارع ولوحات الإعلانات، أو الإعلان على شبكة الإنترنت بمختلف المواقع الإلكترونية.

توجد بعض الوسائل غير المباشرة أيضًا، مثل الاستعانة بأفراد معينة كوسطاء، عادةً ما يكونوا أشخاصًا مؤثرين وأهلًا للثقة والاقتداء، وهو ما يسمى بالتسويق عبر المؤثرين، الذي يساهم في زيادة تفاعل الجمهور مع المنتج. المهم هو التفكير في توظيف الوسيلة بمكان يهتم به الجمهور ويتابعه ويثق بمعلوماته، مع وضع التكاليف في الحسبان.

بعد الانتهاء من تحديد الوسائل، لا بد من تضمينها كجزء من خطة تسويقية متكاملة لتوظيف جميع الإمكانات المادية والبشرية والتقنية المتاحة، بجانب جدول الحملة الزمني وطبيعة المنتج الاجتماعي المقدم، وبذلك تضمن بذل المجهود في إطار منظم يساعد على تحقيق الأهداف المرجوة.

المرحلة الرابعة: توضيح الفوائد المرجوة

لماذا قد يرغب الجمهور المستهدف في تبني السلوك الذي تروجه علامتك التجارية؟ ما الذي سيجعله يتخلى أو يجرب شيئًا جديدًا طواعيةً؟ فكر في هذه الأسئلة من منظور الأفراد نفسها، وليس من منظورك كصاحب العمل، حتى تقدر على تقديم الفوائد لهم بالطريقة التي تناسبهم.

على سبيل المثال، إن كان الهدف التسويقي هو الدعوة إلى ممارسة الرياضة في الصالات الرياضية التي تخص علامتك التجارية، ركز على الفوائد التي تعني الفئة المستهدفة بعينها، فعندما تتوجه نحو أشخاص تزيد أعمارهم عن 50 عامًا، سلِّط الضوء على دور الرياضة في زيادة طاقة الجسم وتقوية العظام، أما إن كان جمهورك من الشباب، فوضح كيف تعد الرياضة وسيلة مضمونة للياقة البدنية.

المرحلة الخامسة: توجيه الرسالة

تعد هذه الخطوة الحاسمة، إذ تكلل ثمرة جهودك وجمعك للبيانات، في بداية توجيهها للأفراد برسالة قوية وفعالة تحقق الأثر المطلوب. احرص على تنفيذ النِّقَاط التالية عند توجيه رسالتك للناس:

  • كن واضحًا جدًا في السلوك الذي تريد بناءه بواسطة علامتك التجارية.
  • استخدم الأدلة والحجج المنطقية في عملية الإقناع، وتجنب الخطاب المسطح والمعلومات غير المؤكدة.
  • اعتمد على المثيرات العاطفية في لغة وأسلوب الرسالة: كالتخويف أو الحماس. يساهم استدعاء العاطفة في جذب انتباه الجمهور وإثارة اهتمامهم.
  • استخدم الإحصاءات في رسالة الحملة التسويقية، إذ تعد عنصرًا مقنعًا ومنطقيًا، لا سيما أن الأفراد عادةً ما يفضلون سماع نسبة مئوية صحيحة، بدلًا من الاسترسال في الشرح والتحليل المفصل الممل.

المرحلة السادسة: تقييم الحملة التسويقية الاجتماعية

تهتم مرحلة التقييم في التسويق الاجتماعي بقياس نجاح أو فشل المنتج في تحقيق أهدافه المجتمعية. يمكن فعل ذلك عبر عدة طرق أبرزها التغذية الراجعة باختلاف أشكالها، أو حساب الإيرادات الواردة ومدى تغيير السلوك والتحسين الحاصل.

يفيد تقييم الحملة في التطوير منها كي تتحقق أهدافها بشكلٍ أكثر فعالية في المرات القادمة. لتحقيق أفضل نتيجة من التسويق الاجتماعي، يمكنك توظيف مسوق رقمي محترف عبر منصة مستقل، منصة العمل الحر الأكبر عربيًا، لمساعدتك على تنفيذ حملة تسويقية اجتماعية ناجحة.

ختامًا، شهد التسويق الاجتماعي تطورًا ملحوظًا في استيعاب العديد من القضايا المجتمعية، منها البيئية والتعليمية والتجارية والصحية. لذا، لا يوجد حدًا لسعيك في التغيير بعملك ومشروعك. تذكر دائمًا أن تحقيق الأهداف المادية والمجتمعية معًا هو أسمى الأهداف التي يمكن أن تسعى لها أي علامة تجارية.

تم النشر في: مشاريع ناشئة، نصائح ريادية منذ 3 أشهر

المصدر