دليلك الشامل إلى صناعة المحتوى الرقمي

دليلك-الشامل-إلى-صناعة-المحتوى-الرقمي

دليلك الشامل إلى صناعة المحتوى الرقمي

نحن محظوظون بكوننا شاهدين على عصر يتميَّز بالزيادة السريعة في كم المعلومات المتاحة بطرقٍ مختلفة، إذ شهدت العشرين سنة الماضية تطورًا كبيرًا في صناعة المحتوى وتقنيات تقديم المعلومات، وأصبح بإمكان الجميع إنشاء المحتوى ومشاركته مع الآخرين، بفضل التقنيات الرقمية. فما المقصود بصناعة المحتوى الرقمي؟ وكيف تساهم في دعم الخطط التنموية للأعمال التجارية؟

جدول المحتويات:

تعريف صناعة المحتوى الرقمي

صناعة المحتوى الرقمي هي عملية توليد أفكار تروي مواضيع وقضايا تهم الفئة المستهدفة، أو ما يُعرف بشخصية المشتري (Buyer Persona)، وإنشاء محتوى مقروء أو مرئي أو مسموع حول هذه الأفكار، وتوزيع ذلك المحتوى ونشره عبر القنوات الرقمية، كالمدونة ومنصات التواصل الاجتماعي أو تطبيقات الهواتف وغيرها، ضمن سياقات محددة بغرض تحقيق أهداف معيّنة.

يشير المحتوى الرقمي إلى المعلومات التي يمكن تنزيلها أو توزيعها إلكترونيًا، مثل الكتب الإلكترونية والبودكاست (المدونات الصوتية)، ونتائج محرّكات البحث ومقاطع الفيديو التي تشاهدها على منصات البث الرقمية، كمنصتيّ تويتش Twitch ونتفليكس Netflix.

هناك اعتقاد عام خاطئ بأنّ صناعة المحتوى الرقمي عملية سهلة لا تحتاج إلى بذل مجهود، كما في المحتويات الأُخرى المختلفة كالصحف والمجلات الورقية، ويكفي أن تتواجد الفكرة والشخص المناسب لتنفيذها، على عكس المحتويات آنفة الذكر التي تحتاج إلى جهد في عمليات الإنتاج والإخراج.

في حين أنّ مرحلتي الإنتاج والإخراج تُعدّ جزءًا من عملية أكبر، تمر بعدة مراحل وراء الكواليس ويتشارك بها العديد من الأشخاص؛ لإنتاج محتوى رقمي عالي الجودة، وتوصيله للجمهور المناسب. قد يكون من السهل إنشاء قطعة محتوى ونشرها هذه الأيام، ولكن التحدي الأصعب يكمن في إنشاء محتوى ذي مغزى، ويُحقّق الأهداف المُناطة به.

أهمية صناعة المحتوى الرقمي للأعمال

أصبح السعي نحو خلق مكان لعملك في الفضاء الرقمي أمرًا ضروريًا، ولم يعدّ رفاهية أو خيارًا جانبيًا، إذ بات نجاح الأعمال التجارية مرهونًا بنشاطك عبر الإنترنت. ويعدّ إنشاء المحتوى جزءًا لا يتجزأ من الاستراتيجية الرقمية لتوسيع نطاق الأعمال. مع وضع ذلك في الاعتبار، إليك خمسة أسباب تُشير لأهمية صناعة المحتوى الرقمي في عام 2022:

1. يبني سمعة العلامة التجارية

نظرًا لأن سوق اليوم أصبح أكثر تنافسية، فإنّ الحاجة إلى تطوير نماذج ووضع استراتيجيات بناء السمعة التجارية تزداد، ويُصبح الوعي بالعلامة التجارية واتساقها ضروريين، ولا يوجد أفضل من صناعة المحتوى الرقمي كوسيلة تُساعدك في تعزيز الوعي بالعلامة التجارية، وجعل العملاء يتذكرونها دائمًا بصورة ذهنية جيدة.

احرص خلال تطويرك لاستراتيجية المحتوى على أن تضع هدفًا محددًا للغاية، كذلك يتوجَّب عليك وضع إرشادات وضوابط لعملية صناعة المحتوى والنشر، وتأكَّد من اتساق صوت العلامة التجارية ونبرته، وبذلك يسهل على الجمهور التعرُّف على علامتك التجارية، كلما استهلكوا أو رَأوْا المحتوى الذي تصنعه.

يمكنك التواصل مع جمهورك تواصلًا فعّالًا من خلال توفير محتوى رقمي قيّم عالي الجودة، يزيد من معدلات تحويل الزوّار إلى عملاء يتفاعلون بانتظام مع المحتوى الذي تصنعه. وجديرٌ بالذكر أنّ بناء الوعي بالعلامة التجارية يُعدّ جهدًا تراكميًا، لذلك لا تثبط عزيمتك إذا لم ينجح المحتوى كما تأمل واستمر بإنشاء المزيد، فحتمًا سيُحقّق نتائج طيبة، شريطة أن تلتزم بمشاركة محتوى نافع باستمرار.

2. يُحفّز معدل المبيعات

لم يعدّ كافيًا أن تُروّج لمنتجك أو خدمتك عبر الادعاء بأنك “الأفضل بلا منازع” و”الأوَّل في السوق”، وغيرها من العبارات الرنّانة التي أصبحت أقرب إلى كونها “عبارات مستهلكة”، لا تُجدي نفعًا في العالم الرقمي الذي يمتاز بكثرة المنافسين، وسهولة الوصول للعملاء.

بدلًا من ذلك، يجب عليك صنع أنواع مختلفة من المحتوى الرقمي، تشرح من خلاله مميّزات الخدمة أو المنتج، وكيف ستُضيف قيمة للعميل، فمعظم الأشخاص الذين يشترون المنتجات أو الخدمات، ليسوا خبراء فيما يهتمون به ويحتاجون إلى توعية. لذا يعدُّ المحتوى مندوب المبيعات لعلامتك التجارية في العالم الرقمي!

3. يُعزّز الظهور عبر الإنترنت

تغيّرت الأعمال في العقدين الماضيين، فلم يعدّ كافيًا أن تضع اسم شركتك على لوحات الإعلانات في شوارع المدن لترويج نفسك، إذ أصبح العملاء الآن يعتمدون على محرّكات البحث والإنترنت بصفة أساسيّة في اتخاذ قرارات الشراء. فإذا أراد شخص ما أن يُنشئ موقعًا إلكترونيًا لعمله حاليًا، فأوّل خطوة سيفعلها هي البحث عبر الإنترنت، لمعرفة أفضل الخيارات المتاحة والمفاضلة بينها.

لهذا السبب ستحتاج إلى إنشاء محتوى يرغب الأشخاص في قراءته، مع الكثير من المعلومات التي ستوفر إجابات لأسئلة عملائك في أسرع وقت ممكن. يبحث القرّاء على وجه التحديد عن محتوى رقمي، يوفر لهم قيمة حقيقية ومساعدتهم في الوصول إلى ما يرنوا إليه.

إن الاتساق في تقديم محتوى مذهل سيجعل العملاء يعودون إليك، ويتعرفون عليك وعلى خدماتك أكثر في كل مرة. وكلما زاد الوقت الذي يستثمره الأشخاص في مشاهدة المحتويات التي تنشرها، أصبحوا أكثر درايةً وثقة بعملك وبالتالي تزداد احتمالية الشراء.

4. يعزز مكانتك في السوق

إن ما يُميّز العلامات التجارية الكبيرة عن غيرها هو كونها تُظهِر خبراتها وتتفاخر بمعرفتها الكبيرة، وصناعة المحتوى الرقمي طريقة جيدة لفعل ذلك وإبراز خبراتك للعملاء.

علاوة على أنّ صناعة محتوًى رقمي في مجالات تخصّصك، مثل إعداد دليل شامل حول صيانة مراكز البيانات، يضعك كرائد فكر في الصناعة التي تنشط بها، ويزيد عدد الزيارات غير المدفوعة (البحث المجاني) في موقعك، ويجعل العملاء يتردّدون إلى موقعك كلما احتاجوا شيئًا في المجال، ويضيف كذلك المصداقية ويعزّز ولاء العملاء.

5. توفير التكاليف التسويقية

عندما تَستغِل قوة المحتوى الرقمي في بناء الوعي بعلامتك التجارية، وتعزيز مكانتك في السوق كقائد فكري، فإنك بذلك تُوفّر مجهودًا ووقتًا وأموالًا، تُنفَق عادةً على الإعلانات المدفوعة والحملات الترويجيّة باهظة الثمن.

قد يُجادل البعض بأن التسويق بالمحتوى وعملية صناعة المحتوى الرقمي مُكلِفة أيضًا، ولكنها تظلّ تكلفة أقل من الطرق التقليدية.

وعلى افتراض بأنك تُريد صناعة المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، لترويج منتجات شركتك خلال شهر رمضان. أوّل خطوة من المفترض فعلها: تعيين شخص يمتلك مهارات صناعة المحتوى الرقمي، وهذا ما تُوفّره منصة الخدمات المصغّرة خمسات، مقابل أسعار مقبولة.

وبحِسبَة بسيطة: 30 قطعة محتوى × 5 دولار = 150$. لا أظن بأنّ هناك استراتيجية تسويقية ستُكلّفك أقل من هذا الرقم. (يرجى ملاحظة أنّ الأرقام المذكورة افتراضية قد لا تُحاكي الواقع).

أنواع المحتوى الرقمي

المحتوى هو “شيء يجب التعبير عنه من خلال وسيلة ما، مثل الصورة أو الكتابة أو أي من الفنون المختلفة”. توجد أنواع مختلفة من المحتويات الرقمية، نذكر بعضًا منها كما يلي:

أولًا: المقالات والمدونات

اشتهر هذا النوع من المحتوى قديمًا، لكنه فعّال أيضًا في العالم الرقمي. إذ تُعطي المقالات انطباعًا جيدًا لدى العملاء حول خبراتك في مجالات عملك، علاوةً على أنّها تساهم في تصدّر مواقعك نتائج محركات البحث، وتُحسّنها من ناحية الـ SEO. ويُوصَف المقال بأنه رقميّ، عندما يُوزَّع ويُنشَر ويُخزَّن عبر منصاتٍ رقمية. يحتاج هذا النوع من المحتوى امتلاك مهارات وخبرات كبيرة في الكتابة والبحث، لإنجازه بطريقة مناسبة وتحقيق الأهداف المناطة بها.

ويُمكنك الاستعانة بخدمات الكتابة في موقع خمسات، لتحصل على مقالات ذات جودة عالية بمختلف اللغات، يُعدّها كُتّاب عرب موهوبون.

ثانيًا: الكتب الإلكترونية (Ebooks)

الكتب الإلكترونية هي نوع من المحتوى طويل الشكل، وكما يوحي الاسم، هي كتب إلكترونية تتوفر غالبًا بصيغة PDF أو بتنسيق HTML. يمنحك هذا النوع من المحتوى منفذًا رائعًا لمشاركة معرفتك وخبرتك في موضوعٍ معيّن بإسهاب، إذ تُعطي الكتب الإلكترونية مساحة أكبر من المقال.

وعلى الرغم من أنّ هذا النوع يستغرق جهدًا ووقتًا لإعداده، إلّا أنه يمنح عددًا من الفوائد الجليلة بما في ذلك دفع معدل تحويل العملاء المحتملين (Lead)، وإظهار علامتك التجارية كمرجع وقائد فكر في الصناعة. كما أنّ العائد الاستثماري للكتب الإلكترونية يُعدّ طويل الأجل، ولكن هذا الأمر مرهونًا بمحتويات الكتاب وما إذا كان دائم الخضرة، حينها ستتمكن من الوصول إلى فئات عملاء جديدة باستمرار على المدى الطويل.

ونظرًا لأنّ محتوى الكتب الإلكترونية يكون بالعادة طويلًا ويتناول أكثر من موضوع، ينبغي التخطيط جيدًا قبل بدء مراحل التنفيذ في جانب الكتابة والتصميم والبحث عن المعلومات. وينبغي أن ينصبَّ تركيزك على توفير حلول لمشاكل تواجه عملائك، وأن يكون محتوى الكتاب ذا قيمة، والتقليل من المحتوى الإعلاني قدر الإمكان.

ثالثًا: الفيديو

يُعدّ هذا النوع من المحتوى الأكثر فعالية في العالم الرقمي، ويساهم كثيرًا في جذب انتباه الزائر واهتمامه، فمعظم متصفحي الإنترنت يفضلون استهلاك الفيديوهات أكثر من أي نوع آخر. إذ تمنح الفيديوهات مستوى عالٍ من التفاعل وزيادة معدلات التحويل، لكنه بالمقابل يستغرق وقتًا وجهدًا كبيرين، ويمُر بعدة مراحل لإنتاجه وإخراجه بأفضل شكل.

استعِن بمختصين في إنتاج الفيديوهات عبر موقع خمسات، بدءًا من مرحلة كتابة السيناريو (سكربت الفيديو)، مرورًا بمرحلة التصوير، ووصولًا لمرحلة التحرير وإخراج العمل بشكله النهائي.

رابعًا: دراسات الحالة

تُعدّ دراسات الحالة طريقة جيدة لترويج منتجاتك أو خدماتك؛ لأنها تَستخدم أمثلة نموذجية لتوضيح نقاط الضعف والتحديات الشائعة التي قد يواجهها العملاء، وكيف يمكن لعلامتك التجارية أو لمنتجاتك أن تساعد في حل تلك المشكلات، ممَّا يُعزّز العلاقات القوية ويبني ولاء العملاء.

ولإنشاء دراسة حالة فعّالة، يجب عليك البدء بتلخيص المشكلة التي يواجهها العميل. بعد ذلك، اعرض الحل مع تقديم أمثلة قابلة للتنفيذ وحاول إبراز دور خدمتك/منتجك في الحل. أخيرًا، قدم ملخصًا للنتائج التي حققها عميلك باستخدام منتجاتك، مع التأكيد على كيفية حل النتائج للمشكلة وجعل حياة عميلك أفضل.

خامسًا: انفوجرافيك (Infographic)

يُعدّ الانفوجرافيك من بين أكثر أنواع المحتوى شيوعًا التي يمكنك إنشاؤها، إذ تُشير الإحصاءات بأن تصاميم الإنفوجرافيك تُشَارَك أكثر بثلاث مرات من أنواع المحتويات الأخرى على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك لأنها تُقدّم قدرًا كبيرًا من المعلومات (مثل الإحصاءات والأبحاث والبيانات الأخرى) بطريقة مرئية جذابة وسهلة الفهم للمستخدم العادي.

سادسًا: محتوى صوتي (بودكاست)

انتشر مؤخرًا هذا النوع من المحتوى نظرًا لإسهامه في تعزيز ثقة المتابع وولائه للعلامة التجارية، علاوة على أنّ تكاليف صناعة البودكاست ليست كبيرة مقارنةً بأنواع أُخرى كالفيديو مثلًا، في حين أنه يمتلك التأثير نفسه وربما يتعدَّاه.

إن أردت البدء في صنع محتوى صوتي (بودكاست)، احرص على الاستثمار في العتاد، وخاصةً الميكروفون وأجهزة التسجيلات. إذ يعتمد هذا المحتوى اعتمادًا كليًا على الصوت. إذا لم تمتلك الموارد والمعدات الكافية لصنع محتوى البودكاست، يمكنك توظيف مواهب ومستقلين من موقع خمسات!

سابعًا: الميمات (Memes)

يُعدّ هذا المحتوى الساخر أو الترفيهي من ضمن المحتويات الأكثر انتشارًا في الإنترنت، وسهل الإعداد نوعًا ما، فكل ما تحتاجه تعليقًا ساخرًا وصورة تتوافق مع التعليق أو الحدث الذي تودّ أن تسخر منه. وعلى الرغم من بساطته، إلّا أنّه يحتاج إلى ملكة الإبداع وحرص كبير لخلق محتوى سريع الانتشار، يشاركه الجمهور باستمرار.

خطوات صناعة المحتوى الرقمي

تمرّ عملية صناعة المحتوى الرقمي بعدة خطوات قبل الوصول للمُخرَجات النهائية التي يراها الجمهور. وفيما يلي نسرد تلك الخطوات بالتفصيل:

المرحلة الأولى: التخطيط

في هذه المرحلة، نعمل على الآتي:

1. تحديد أهداف المحتوى ووضع مؤشرات قياس

يؤثر الهدف المحدد لقطعة المحتوى على نوع المحتوى، وبنية النص والنبرة التي تتحدّث بها إلى جمهورك. عند تحديد أهدافك من صناعة المحتوى، اتّبع معايير الأهداف الذكية (SMART Goals)، بمعنى أن تكون الأهداف:

  • محددة (Specific): يجب أن تحتوي أهدافك على تفاصيل كافية، للتعبير عما تريد تحقيقه والخطوات التي ستتخذها لفعل ذلك.
  • قابلة للقياس (Measurable): يجب عليك تحديد مؤشرات أداء رئيسية وواضحة، لقياس نتائج المحتوى.
  • قابلة للتحقيق (Achievable): تأكَّد من أنك تملك الموارد، لتتمكن من تحقيق هدفك.
  • ذات صلة (Relevant): تدعم أهداف إنشاء المحتوى الخاصة بك أهدافًا تسويقية أوسع، بالإضافة إلى أهداف الأعمال الرئيسية.
  • ضمن إطار زمني معيّن (Time bound): حدِّد جدولًا زمنيًا لعملية إنشاء المحتوى الرقمي.

2. تحديد المستهلكين المستهدفين (Target Audience)

يجب عليك تحديد احتياجات الفئات التي تستهدفها من خلال محتواك ورغباتها، اطرح أسئلة مثل: ما هي توقعاتهم من المحتوى الذي يريدون مشاهدته؟ كم يعرفون عن الموضوع الذي سأتناوله؟ هل سأُخاطب المحترفين أم المبتدئين؟ ما الذي يحتاجون إلى تعلّمه ليشعروا بالإنجاز والرضا بعد قراءة المحتوى؟

3. تحليل محتوى المنافسين

يجب عليك خلال مرحلة التخطيط، تحليل محتوى المنافسين للموضوع الذي تودّ صناعة المحتوى حوله، ومعرفة نقاط الضعف في محتواهم، وطريقة تقديم الموضوع وإخراجه، وبناء محتوياتك بأسلوبٍ أفضل يتفوَّق على المنافسين ويتميّز عنهم قدر الإمكان. يُمكن لتحليل SWOT أن يُساعدك في كشف نقاط القوة والضعف في محتوى المنافسين، ومعرفة الفرص والتهديدات المحتملة.

4. تحديد نوع المحتوى

يجب عليك تحديد نوع المحتوى الرقمي الذي ستشرع في إنشائه، بناءً على الأهداف ومؤشرات الأداء والفئات المستهدفة التي حدّدتها بالخطوات السابقة، فلكلِ نوعٍ من أنواع المحتوى ميزته الخاصة. إذا كنت ستُنتِج مقالًا مقروءًا، فمن المفترض أن تكون أهدافك بعيدة المدى، أم صورًا أو ربما إنفوجرافيك تنشرها على منصات التواصل الاجتماعي لتلقى رواجًا سريعًا؟

تذكر أنه بإمكانك إعادة توظيف المحتوى في أشكال جديدة، لتوسيع نطاق الوصول. على سبيل المثال، يمكنك استغلال محتوى دراسة الحالة التي نشرتها مؤخرًا ومناقشة نتائجها في المدونة الصوتية، أو تحويل المقال إلى فيديو أو صور إنفوجرافيك.

5. تخطيط الموارد وسير العمل

لتجنّب أي مفاجآت خلال مراحل التنفيذ، يتعيّن عليك بذل جهدًا في وضع المخططات التشغيلية، بدءًا من تكوين الفريق المناسب، ومرورًا بالتأكّد من كفاية الموارد لتحقيق الأهداف المرسومة، وصولًا لوضع المخطط الزمني للمشروع.

المرحلة الثانية: إنشاء المحتوى

في هذه المرحلة من عملية صناعة المحتوى الرقمي، نجري الخطوات التالية:

1. جمع الأفكار حول الموضوع

بعد مرحلة التخطيط، تبدأ مرحلة إنتاج المحتوى بجمع الأفكار والعناوين، التي ستدور المحتويات التي سنصنعها حولها، وذلك بناءً على نتائج المرحلة السابقة من تحديد الأهداف والفئة المستهدفة، وتحديد نوع المحتوى وتحليل المنافسين.

2. وضع تصوّر عام للمحتوى

بعد جمع الأفكار للمحتوى المراد إنشاءه ورصد محتويات المنافسين، يجب وضع هيكل عام للمحتوى. تحتاج هذه الخطوة إلى أشخاص يمتلكون نظرة إخراجية متميّزة، إذ تَتحدَّد المخرجات المتوقعة بناءً على الجهود المبذولة فيها. حاول كتابة العناوين الرئيسية والعناوين الفرعية المحتملة إذا كان محتوًى نصّي، أو ضع تمثيل رسومي لكيفية ظهور المشاهد في الفيديو.

3. الإنتاج

بعد أن تضع تصوّرًا عامًا لشكل المحتوى والمخرجات المتوقع إنجازها، تبدأ خطوة الإنتاج الفعلي، وإشراك المختصين، سواء كان محتوًى نصيًا أم مرئيًا.

وبعد الانتهاء، افحص جودة المخرجات وتأكّد من تلبيتها للمتطلبات وصلاحيتها للنشر، وأنها تتوافق مع الاستراتيجيات التسويقية الأخرى. وبعد اعتماد المحتوى، ننتقل للمرحلة التالية.

4. النشر والترويج

بعد الانتهاء من خطوة إنشاء المحتوى (Content Creation)، يأتي الآن وقت نشر المحتوى الذي صنعته والبدأ في توزيع المحتوى (Content Distribution) عبر القنوات الرقمية المختلفة؛ ليتفاعل الجمهور المستهدف مع المحتوى.

احرص على توزيع المحتوى على فترات معقولة، لتزيد من فرص رؤية الأشخاص المناسبين للمحتوى وتفاعلهم معه. واعمل على ترويج المحتوى خلال فترات نشاط الجمهور المستهدف، والفترات التي يستعدون فيها لاستهلاك المحتوى.

المرحلة الثالثة: تحسين المحتوى

في هذه المرحلة نجري الخطوات التالية:

1. تحليل المحتوى

بناءً على مؤشرات الأداء الرئيسية التي حدّدتها في المرحلة الأولى (التخطيط)، يمكنك البدء في مراقبة أداء المحتوى الخاص بك، وتشمل مقاييس معدل الارتداد وزمن التصفّح وعدد الزيارات؛ لمعرفة مدى نجاح المحتوى في تحقيق الأهداف المطلوبة.

2. مراجعة المحتوى

في هذه الخطوة، نعمل على تحديد الأنماط ونقاط القوة والضعف في المحتوى المنشور، بناءً على مؤشرات القياس الموضوعة. ومن النتائج التي توصّلت إليها، يمكنك تعديل المحتوى ومراجعته للحصول على ترتيب أفضل أو تحويل أعلى.

على سبيل المثال، إذا أشارت التحليلات إلى معدل ارتداد مرتفع مقارنةً بالمنافسين، فذلك يعني بنسبة كبيرة أن هناك مشكلة يلزم العمل على تحليلها وإيجاد حلول لها. وفي هذه الحالة، هناك احتمالان على أقل تقدير: إما محتوى الصفحة غير مناسب بالفعل ويجب تعديله وجعله أكثر ملائمةً لتوقّعات الزوّار، أو الكلمات المفتاحية غير مضمّنة بطريقةٍ صحيحة ثَمَّ يتّضح يظهر لفئة غير مناسبة.

3. التحسين المستمر

لا تنتهي عملية إنشاء قطعة محتوى بمجرد نشرها وتحليل أدائها بعد فترة قصيرة، إنما تمتد لتحسين المحتوى ومراجعته دوريًا. فمثلًا، إذا أنتجت قطعة محتوى تحتوي على معلومات قديمة أو عنوانها يتضمّن معلومة خاطئة، فيجب عليك تحديث المعلومات باستمرار؛ لكسب ثقة الزائر.

أدوات صناعة المحتوى الرقمي

يحتاج صانعو المحتوى إلى مجموعة أدوات تُساعدهم في إنجاز المهام العديدة، التي تتخلّل عملية صناعة المحتوى الرقمي، وتُمكّنهم من أداءها بسرعة أكبر وكفاءة أعلى. فيما يلي نسرد أهم وأبرز تلك الأدوات:

1. مؤشرات GOOGLE

جوجل تريندز (Google Trends) هي أداة مجانية تمامًا تُوفّرها شركة Google، لمساعدة الباحثين في العثور على الموضوعات الرائجة في منطقة جغرافية معيّنة، ومواكبة الأحداث السريعة. يمكن أن يستخدم صُنَّاع المحتوى هذه الأداة في مقارنة موضوعين محتملين، لتحديد أيهما يلقى رواجًا أكثر عند الجمهور المستهدف.

تعرض مؤشرات Google بيانات مثل حجم البحث حول كلمة مفتاحية معيّنة بمرور الوقت، ونسبة الاهتمام حسب المنطقة الجغرافية، والموضوعات ذات الصلة؛ لإعطائك المزيد من الأفكار حول الموضوع.

على سبيل المثال، كصانع محتوى نصي ومختص بالكتابة لتجربة المستخدم (UX writing)، فإني استغل قوة هذه الأداة كل يوم لمعرفة حجم البحث حول مصطلح أو كلمة ما في منطقة معيّنة؛ للتأكّد من ملائمتها للفئة المستهدفة.

استكشاف حجم البحث عن كلمة داخل السعودية عبر أداة مؤشرات Google

2. أدوات البحث عن الكلمات المفتاحية

ولأنّ الغرض الأساسي من صناعة المحتوى الرقمي هو وصوله للجمهور المستهدف، يتوجّب على صُنّاع المحتوى الاهتمام بالكتابة مع مراعاة مبادئ ومعايير محرّكات البحث. فإذا كنت تريد أن يصل المحتوى الذي تصنعه لجمهورك فيجب عليك تضمين الكلمة المفتاحية الأكثر شيوعًا بين الجمهور في محتوياتك. ومن ضمن هذه الأدوات: أداة SEMRUSH، وأداة مُخطِّط الكلمات الرئيسية (Keyword Planner) من Google.

على سبيل المثال، خلال كتابتي لهذا المقال استخدمت أداة SEMRUSH لمعرفة حجم البحث حول كلمة “صناعة المحتوى”، وحرصت على تضمين هذا الكلمة باستمرار وفق معايير معيّنة؛ لأساعدك على إيجاد هذا المحتوى بسهولة عندما تبحث بهذه الكلمة.

أداة SEMRUSH

3. Camtasia

هي حزمة رائعة من الأدوات لتعديل وتحرير محتويات الفيديو، تمتاز بكونها سهلة الاستخدام ولا تحتاج إلى وقت لتعلّمها على عكس منتجات شركة Adobe.

4. مستندات Google

أداة لتدوين وكتابة الأفكار والمحتوى النصي داخل مستندات سحابية، يمكنك الوصول لها من أي مكان عبر أي جهاز، وتُتيح ميزة التعاون بين الفرق للعمل على نفس المستند في الوقت الفعلي، وميزة الكتابة بالصوت. كما تُتيح إمكانية الربط بتطبيقات Google الأُخرى وتنزيل إضافات تساعدك خلال عملك.

5. Feedly

مع وجود الكم الكبير من المعلومات في فضاء الإنترنت، يصعب عليك مجاراة التطوّرات المتسارعة ومتابعة الأحداث باستمرار. هذا ما تُوفّره لك أداة Feedly، إذ تساعدك في تجميع مصادر المحتوى الذي تهتم به في مكان واحد، عن طريق خدمة RSS في المواقع.

6. Unsplash

ولأن الصورة أبلغ من الكلام ووقعها وتأثيرها دائمًا أكبر من المحتوى المقروء، يجب عليك كصانع محتوى أن تستخدم منصة أنسبلاش Unsplash التي تُوفّر صورًا من دون حقوق ملكية متاحة للاستخدام والتنزيل مجانًا.

ما هي تكلفة صناعة المحتوى الرقمي؟

يمكنك حساب تكلفة إنشاء المحتوى باستخدام نهج مماثل لمثلث إدارة المشروع (The Project Management Triangle)، كما يلي:

تكلفة صناعة المحتوى الرقمي

  1. نطاق العمل.
  2. الوقت.
  3. التكلفة/ الموارد.

اعتمادًا على المشروع، ستُعدّل نطاق العمل (مقدار المحتوى) والجدول الزمني (أيام العمل المتاحة)، والتكلفة أو الموارد (عدد الكُتّاب في حالة المحتوى النصي)؛ لحساب تكلفة صناعة المحتوى الرقمي الإجمالية.

فتقليل عدد الكُتّاب يعني أن عدد أيام العمل يجب أن تزداد، لإنشاء القدر نفسه من المحتوى دون التأثير على الجودة. أو إذا كان الموعد النهائي صارمًا، فيصعب إذًا زيادة أيام العمل، مما يعني تقليل مقدار المحتوى.

تحديات صناعة المحتوى الرقمي

لاحظ بأنّ صناعة المحتوى ليست نزهة أو مهمة روتينية بسيطة يُنفّذها أي شخص، بل إنّها قائمة على عوامل متغيّرة تتحكّم بها العقلية الإبداعية البشرية. لذلك تواجه الأعمال عدة تحديات خلال محاولتها لصناعة محتوى رقمي. نذكر بعضًا من تلك التحديات كالآتي:

1. عدم كفاية الميزانية وضعف الموارد

ككل استراتيجيات العمل، تحتاج استراتيجية المحتوى ميزانية لتنفيذها وتحقيق الأهداف المناطة بها. مع ذلك، تعجز بعض الشركات عن رصد الموارد الكافية لصناعة محتوى رقمي عالي الجودة، يُحقّق الأهداف الموضوعة والعوائد الاستثمارية المتوقعة.

يُمكنك تجاوز هذه المشكلة عبر التخطيط الجيّد والمُتقَن لجميع العمليات، والاعتماد على طرق وأساليب منخفضة لصناعة المحتوى. على سبيل المثال، التركيز على صناعة المحتوى المكتوب أكثر من محتوى الفيديو، نظرًا لفرق التكاليف بينهما، والمحتوى المقروء يحقق نتائجًا مقبولةً عند إعداده جيدًا، مع مراعاة معايير الكتابة الصحيحة.

يمكنك كذلك الاعتماد على مواقع العمل الحر للخدمات المصغرة، التي تقدّم خدمات صناعة المحتوى بأسعار مقبولة، مثل منصة خمسات.

2. فترات الانقطاع وعدم الاستمرارية

يعتمد نجاح استراتيجية المحتوى الرقمي على الاستمرارية كعامل أساسي، فعندما تنجح في بناء قاعدة عملاء أوفياء، فأنت مُلزم تجاههم بتقديم كل جديد في مجالك باستمرار. وإذا انقطعت لفترات طويلة، فأنت تُخاطر بفقدان ولاء العملاء وثقتهم. فالعميل يُفضّل دومًا متابعة من يواكب الأحداث وينشر محتوى قيِّم باستمرار، مما يُعطي نظرة عن مدى خبرتك وجديّتك في العمل واهتمامك بشأن جمهورك.

احرص على إنشاء تقويم للمحتوى (خطة) لفترة زمنية طويلة واعمل على جدولة النشر، حتى لا تمر بفترات انقطاع طويلة وتفقد ثقة العملاء.

3. عدم وجود إرشادات وسياسة تحريريّة

صحيح أن خطوة وضع سياسات وإرشادات قد تبدو خطوة متقدّمة قليلًا، لكنها ضرورية لضبط عملية صناعة المحتوى الرقمي. حاول إنشاء دليل أسلوب كتابة المحتوى (Content Style Guide)، لتجنُّب المخاطر التي قد تنشأ بسبب تعدُّد فرق المحتوى وأصحاب المصلحة وصانعي القرارات، هذا الأمر يساعد في الحفاظ على اتساق ووضوح صوت العلامة التجارية ونبرته.

4. تداخل أدوار فريق العمل

نظرًا لاختلاف الأدوار داخل الفرق التي تعمل على صناعة المحتوى الرقمي، فقد تواجه الشركات مشكلات في تنسيق الجهود معًا، ففرق المحتوى عادةً ما تتكوّن من كاتب محتوى وكاتب إعلانات ومحرر فيديو ومصمم وكاتب تجربة مستخدم (UX Writer) واستراتيجي محتوى (Content Strategist) ومسوّقين، وما إلى ذلك.

يمكنك وضع إطار عمل (مخطط هيكلي) يُوضّح دور جميع الأسخاص المشاركين؛ لتسهيل عملية صناعة المحتوى الرقمي وتنسيق جهود فرق العمل المختلفة حول أهدافٍ معيّنة، وتيسير اتخاذ القرارات.

وفي ختام المقال، نؤكّد على أهمية المحتوى الرقمي وعلى كونه ركيزة أساسية في استراتيجيات الأعمال عبر الإنترنت. إذ من المتوقع أن يصل سوق صناعة المحتوى الرقمي العالمي إلى 38.2 مليار دولار بحلول عام 2030. على الجانب الآخر، يتطلَّب المحتوى الرقمي الكثير من العمل، لهذا السبب من الضروري للشركات توظيف مختصين موهوبين، لتنفيذ عمليات صناعة المحتوى الرقمي وإدارتها جيدًا.

تُريد البدء بصناعة محتوى رقمي عالي الجودة يُحقّق أهدافك التنموية في العالم الافتراضي؟ يُمكنك الاستعانة بمنصة الخدمات المصغّرة خمسات، التي تُقدّم خدمات خبراء عرب مختصين في صناعة جميع أشكال المحتوى، مقابل أسعار مقبولة.

تم النشر في: التسويق الرقمي، التسويق بالمحتوى منذ 4 ساعات

المصدر